في عصر التحول الرقمي السريع، لم تعد "المدن الذكية" مجرد مفهوم نظري، بل أصبحت واقعًا ملموسًا يُعيد تشكيل ملامح الحياة الحضرية، ومع تطور التقنيات الذكيّة والإعتماد المتزايد على البيانات والذكاء الإصطناعي، يبرز تأثير المدن الذكية بشكل كبير على قطاع العقارات، حيث يتغير نمط التطوير العقاري ليتماشى مع متطلبات البنية التحتية الذكية والإحتياجات المتزايدة للسكان العصريين، في هذا المقال، نستعرض كيف تُحدث المدن الذكية تحولاً جذريًا في التخطيط العقاري، وتصميم المباني، وإدارة المرافق، مما يجعل الاستثمار العقاري أكثر استدامة وابتكارًا من أي وقت مضى.
المدينة الذكيّة هي عبارة عن منطقة حضريّة تستخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لزيادة الكفاءة التشغليّة ومُشاركة المعلومات مع الجمهور وتحسين جودة الخدمات الحكوميّة ورفاهيّة المُواطنين، وفي هذه المدينة تنتشر المئات أو الآلاف من أجهزة الإستشعار لجمع البيانات الإلكترونيّة من الأشخاص والبُنى التحتيّة بهدف تحسين الخدمات وجودة الحياة، فضلاً عن ذلك يتم تزويد السكّان والعاملين في المدينة بتطبيقات تسمح لهم بالوصول إلى خدمات المدينة وتلقّي تقارير عن إنقطاع الخدمة والحوادث والجرائم ودفع الضرائب والرسوم.
1- زيادة قيمة العقارات
أحد أهم تأثيرات المُدن الذكيّة على العقارات هو إمكانيّة زيادة قيمة العقارات، فالعقارات التي تكون في المُدن الذكيّة أو في المناطق ذات البُنية التحتيّة التكنولوجيّة تميل للحصول على أسعار أعلى نظرًا لأن المُدن الذكيّة توفّر ظروف معيشيّة مُحسنة واتصال أفضل وخدمات عامّة أكثر كفاءة مما يجعل الطلب يزداد عليها للأغراض السكنيّة والتجاريّة.
2- تعزيز إمكانيّة الوصول
دمج أنظمة النقل الذكيّة في المُدن يعمل على تحويل التنقل الحضري مما يجعل من الأسهل والأكثر كفاءة للسكّان التنقل، فالجدير بالذكر أن مشاريع التطوير العقاري بالقرب من مراكز النقل الذكيّة مثل أنظمة النقل العام الذكيّة أو طرق المركيات ذاتيّة القيادة أصبحت ذات قيمة مُتزايدة، إذ تتميّز المُدن الذكيّة بشبكات نقل عام مُحسّنة مع تتبع في الوقت الفعلي وتذاكر آليّة وتوجيه مُحسّن مما يعمل على تقليل أوقات التنقل وتحسين إمكانيّة الوصول، وهذا يجعل العقارات القريبة أكثر جاذبيّة للمُشترين والمُستأجرين.
3- التخطيط الحضري القائم على البيانات
كثيرًا ما تستفيد المُدن الذكيّة من البيانات الضخمة والتحليلات لإبلاغ قرارات التخطيط الحضري والتطوير، فهذا النهج يسمح بتطوير عقاري أكثر دقة وأكثر فعاليّة، حيث يُمكن للمُخططين والمُطورين فهم احتياجات وتفضيلات السكّان بشكلٍ أفضل، على سبيل المثال يُمكن لتحليلات البيانات أن تُساعد في تحديد الإتجاهات الناشئة ومجالات النمو المُحتملة بشكلٍ يُمكّن المُطورين من القيام باستثمارات استراتيجيّة.
4- البناء المُستدام والمرن
يتبنى المُطورون بشكلٍ مُتزايد في بناء المُدن الذكيّة معايير البناء الأخضر ومبادئ التصميم المُستدام تماشيًا مع أهداف المُدن الذكيّة، ويشمل ذلك استخدام مواد صديقة للبيئة وتقنيات موفرة للطاقة وتصاميم تُقلل من البصمة الكربونيّة للمباني، فضلاً عن ذلك تعمل المُدن الذكيّة على تعزيز المرونة في مواجهة تغير المُناخ والتحديات الأخرى، لهذا فإن مشاريع التطوير العقاري التي تتضمن البُنية التحتيّة التكييفيّة مثل التصاميم المُقاومة للفيضانات والشبكات الذكيّة وأنظمة إدارة المياه المُستدامة مُجهزة بشكلٍ أفضل لتحمل الضغوط البيئيّة مما يضمن الجدوى والجاذبيّة على المدى الطويل.